في عصر الثورة التكنولوجية، هل تصمد المرأة العربية في مواجهة التحديات
في عصر الثورة التكنولوجية، هل تصمد المرأة العربية في مواجهة التحديات

في عصر الثورة التكنولوجية، هل تصمد المرأة العربية في مواجهة التحديات


لن نبالغ إذا قلنا أن المرأة العربية تعيش الآن حالة من الصراع بين الماضي بتقاليده المتجذرة في أعماقها وحداثة الحاضر ومتطلباته في عصر التكنولوجيا الرقمية والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. 

حيث تميزت تكنولوجيا الاتصال خلال السنوات الأخيرة بتطورات سريعة وتأثيرات مباشرة للثورة الرقمية على نمط الحياة الإنسانية على كافة الأصعدة.

إن نساء العرب لسن بعيدات عن التحولات العالمية التي تجتاح العالم في شتى المجالات، فهن يحاولن جاهدات التأقلم مع هذه التغيرات. تتساوى في مواجهة هذه التحولات كل من المرأة الشرقية والمرأة الغربية. حيث أن هذه التحولات المتلاحقة قد شملت كل إنسان على ظهر الأرض بعض النظر عن نوعه وعمره وعرقه. ولكن قد تكون مهمة المرأة في عالمنا العربي أشد قسوة لما تواجهه من تحديات؟ فما هي هذه التحديات؟ 

تحديات في مواجهة المرأة العربية

تواجه المرأة في وطننا العربي مشكلات وتحديات عديدة، ربما تعرقلها عن أداء دور فاعل في محيط مجتمعها الذي لا زال مصرًا على وضعها في قوالب ثابتة وفقًا لتقاليد وعادات عفا عليها الزمان. وهذا يفسر حالة القلق والتردد التي تعيشها المرأة العربية في بعض البلدان فلا هي قادرة على العودة لعصر الحريم حيث كانت جدتها تعيش بين جدران بيتها منعزلة عن العالم الخارجي مكتفية بقسط ضئيل من التعليم – أو بدون تعليم من الأساس حيث كانت غالبية النساء غير متعلمات في ذلك العصر- ولا هي أيضًا قادرة على اللحاق بالمرأة الأوروبية والأمريكية التي تفوقت على الرجل في بعض المجالات – نظرًا لمستوى التحرر الذي تتمتع به المرأة في هذه المجتمعات- لدرجة أن إحداهن كادت أن تحتل منصب رئيسة الولايات المتحدة الأمريكية!  

يمكن القول أن هموم المرأة في شتى بقاع الأرض، لا تختلف كثيرًا في نوعيتها بقدر ما تختلف في حدتها. وهذا مؤشر قوي إلى أن الأزمة التي نحياها هي أزمة عالمية، وأزمة حضارة معاصرة في الأساس.. وعلى المرأة العربية أن تكون على هذا المستوى من التحديات، خاصة مع دخولنا عصر التكنولوجيا الحديثة وظهور وسائل التواصل الاجتماعي وأثارها القوية على كافة المجتمعات وما أحدثته من تحولات في حياة البشر.

المرأة العربية بين التعليم وسوق العمل 

من اللافت للنظر أن نسبة  النساء العاملات في العالم العربي أقل من نسبة النساء العاملات في أي مكان آخر في العالم، وهذه الحالة تبدو غريبة بعض الشئ إذا عرفنا أن المرأة في مشرقنا العربي تسعى للحصول على شهادة جامعية بنسبة تفوق الرجل( 108 :100ـ) فلماذا هي حريصة على إكمال مشوار التعليم إذا كانت غير عازمة على دخول سوق العمل؟

عند الحديث عن سوق العمل في المجتمعات العربية، قد نجد النساء العربيات يواجهن بعض القيود الثقافية والعملية الراسخة في ثقافة عالمنا العربي، كما أن المصادر التي تحتاجها النساء لتحويل تعليمهن إلى مهارات تكنولوجية مطلوبة في السوق لم تتح إلا مؤخراً فقط (وتعتبر المرأة في الخليج العربي خير مثال على ذلك). ولا يفوتنا أن نذكر في هذا السياق أن 35 % من شركات الانترنت في العالم العربي تأسست على يد نساء ، وهو ما يحسب للمرأة في المجتمع العربي. 

يمكن لمجال التكنولوجيا أن يلعب دورًا مهمًا في النشاط الاقتصادي للمرأة في البلاد العربية، فمع نمو هذا القطاع وازدهاره، تزداد إمكانية النساء في الحصول على القوة الاقتصادية. حيث تعتمد الزيادة في توظيف النساء العربيات في مجال التكنولوجيا على قدرة هذا المجال على جذب المواهب النسائية. 

المرأة العربية صمام أمان لأسرتها

لا تزال المرأة في المجتمعات العربية هي الركيزة الأساسية لحماية أسرتها وأطفالها. وبالنظر إلى نموذج الأسرة في المجتمع الغربي، نجد أن الغرب يترنح تحت وطأة مشكلات جسيمة؛ من التفكك الأسري، والانحلال الخلقي، بينما نجد أن المرأة عند العرب قد نجحت إلى حد ما في الحفاظ على تماسك الكيان الأسري.

لابد أن نقول أن قيمة المرأة في عقلها وفكرها ونضْجها الاجتماعي، تمامًا مثل الرجل. لذلك تنادي مؤسسات الدفاع عن حقوق المرأة في المجتمعات العربية بتمكين المرأة ومنحها كافة الحقوق والصلاحيات، بل وإطلاق يديها في سوق العمل حيث تتمكن المرأة العربية من القيام بالمشروعات المتنوعة وريادة الأعمال مستفيدة بذلك من ثورة التكنولوجيا الرقمية وآثارها التي امتدت لتشمل كافي مناحي الحياة.